| الحق في الولوج إلى المعلومة بين القانون والمعيقات الإدارية|






1.     الحق في الحصول على المعلومات في المغرب :



من البديهي جدا، أن حديثنا عن الحق هو حديث عمن يضمن / يكفل هذا الحق، وإلا فلن يكون حديثنا إلا اجترارا للمطالبين بالحق.
لهذا اخترت في موضوعي هذا، أن أتوجه في حديثي عن الحق نحو النصوص والظهائر القانونية التي تدعوا أو تضمن الممارسة – الفعلية – لحق الولوج إلى المعلومة.
بمعنى أوضح، حديثنا عن حق الولوج إلى المعلومة، لن يأخذ طابع المطالبة بهذا الحق، وإنما سأتوجه إلى القوانين التي تؤسس لهذا الحق.

          أ‌-          حق المعلومة في الدستور المغربي ( 2011 ) :
ينص الدستور الجديد للمغرب الذي صدر في يوليو 2011 على الحق في الحصول على المعلومات.
 وتقول المادة 27 من هذا الدستور على أن " للمواطنين و المواطنات حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام. ولا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، و حماية أمن الدولة الداخلي و الخارجي، و الحياة الخاصة للأفراد، و كذا الوقاية الوقاية من المس بالحريات و الحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، و حماية مصادر المعلومة. ( ت.ف : 27 )
كما تنص الفصل ( 28 ) من الدستور المغربي 2011، إلى ضمان حق الصحافة ” حرية الصحافة مضمونة، و لا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال
الرقابة القبلية.“ ( ت. الفصل : 28 )


لم يكن يوجد في الدستور المغربي 1996م، أي قانون بشأن الحصول على المعلومات. و لكن بفضل الربيع العربي تعززت مطالب الناشطين في مجال الإعلام والشفافية المغاربة بإصلاحات قانونية من أجل الشفافية. وأصبح المغرب أول بلاد عربي يستحدث نصاً دستورياً يكفل الحق في الحصول على المعلومات.

ب‌-  حق المعلومة في  قانون الصحافة والنشر :
v    حق المعلومة في قانون الصحافة و النشر ( 1958 ) المعدل و المنشور بالجريدة الرسمية سنة 2003 :
من يتصفح قانون الصحافة و النشر الصادر بالجريدة الرسمية رقم 5075؛ الصادرة يوم الاثنين 20 يناير 2003 ، بموجب الظهير الشريف رقم 1-02-207 ...
سيكتشف أن هذا القانون زجري أكثر من غيره من القوانين، و قد تجد أن كلمة / عبارة الحق ، منعدمة تماما.

v   
حق المعلومة في القانون المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين (22 فبراير 1995 ) :
في فبراير 1995 ، أدَّت الضغوط التي مارستها النقابة الوطنية للصحافة المغربية إلى إقرار الحكومة النظام الأساسي للصحفيين المهنيين.
و تنص المادة 4 من هذا القانون على " حق الصحفي في الوصول إلى مصادر الخبر في إطار ممارسة مهنته وفي حدود احترام القوانين الجاري العمل بها."
v    حق المعلومة في مشروع قانون الصحافة و النشر ( 2012) :
 في 21 يناير 2012 ، أقر المغرب تعديلا لقانون الصحافة والنشر تضمَّن بندا عاما عن الحصول على المعلومات.
ونصت المادة الثانية (2) على أن " لمختلف وسائل الإعلام الحق في الوصول إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات ما لم تكن هذه المعلومات سرية بمقتضى القانون."
o       غموض مشروع قانون الصحافة و النشر ( 2012 ) :
ينطوي قانون الصحافة و النشر على عدد من المآخذ من حيث غموضه ونظام جزاءاته وعقوباته. فرغم أنه قد حاول تحقيق مبدأ حق الحصول على المعلومة، إلا أنه لم يتضمَّن إنشاء أي آلية يمكن من خلالها لوسائل الإعلام الوصول إلى مصادر الأخبار. فلم يحدِّد واجبات الدولة وعواقب الامتناع عن تقديم المعلومة.
ويفتقر أيضا إلى آلية للطعن والتظلم من رفض المؤسسات العامة تقديم المعلومات.

ت‌-  حق المعلومة في  قانون الأرشيف ( 30 نوفمبر 2007 ) :
أما بخصوص قانون الأرشيف يقرّ بأنه " يمكن لكل شخص راغب في الاطلاع ، دون مراعاة أي أجل ، على بعض الوثائق التي توضع عادة رهن إشارة الجمهور أو على الوثائق التي يرخص قانون بالاطلاع عليها." ( المادة 15 )
وتقضي مادته 16 بأنه " مع مراعاة أحكام المادة 15 أعلاه ، يمكن للجمهور أن يطلع بكل حرية على الأرشيف العامة عند انصرام أجل ثلاثين سنة من تاريخ إنتاجها ، باستثناء الحالات المنصوص عليها في المادة 17 بعده. "
كما تنص المادة 14 بأنه " تظل الوثائق المسلمة إلى "أرشيف المغرب" ومصالح الأرشيف العامة الأخرى موضوعة بالرغم من أحكام المادتين 16 و17 أدناه ، رهن تصرف الأشخاص والإدارات والمؤسسات التي قامت بتسليمها. "


تم تدشين مؤسسة أرشيف المغرب في 27 مايو 2011 بعد أكثر من عامين من المطالبة الشعبية بتفعيل قانون الأرشيف. غير أن المؤسسة لم تبدأ عملها بعد، ومازال المغاربة ينتظرون إصدار القوانين التنظيمية التي ترسي آليات التنفيذ.

ث‌-  حق المعلومة في  الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( المؤرخ في 10 كانون الأول / ديسمبر 1948 ) :
الحق في الحصول على المعلومات وطلبها حق تكفله المادة ( 19 ) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ” لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود.“( المادة : 19 )
ج‌-    حق المعلومة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد :
المادة 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد :
« تتخذ كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي ومع مراعاة ضرورة مكافحة الفساد، ما قد يلزم من تدابير لتعزيز الشفافية في إدارتها العمومية، بما في ذلك ما يتعلق بكيفية تنظيمها واشتغالها وعمليات اتخاذ القرار فيها عند الاقتضاء. ويجوز أن تشمل هذه التدابير على ما يلي:
أ. اعتماد إجراءات أو لوائح تمكن عامة الناس من الحصول، عند الاقتضاء، على معلومات عن كيفية تنظيم إدارتها العمومية واشتغالها وعمليات اتخاذ القرارات والصكوك القانونية التي تهم عامة الناس، مع ايلاء المراعاة الواجبة لصون حرمتهم وبياناتهم الشخصية.
ب. تبسيط الإجراءات الإدارية، عند الاقتضاء، من أجل تيسير وصول الناس إلى السلطات المختصة التي تتخذ القرارات.
ت. نشر معلومات يمكن أن تضم تقارير دورية عن مخاطر الفساد في إدارتها العمومية.

2.     مقترح قانون يرمي لضمان حق الحصول على المعلومات :
        تقدم الاتحاد الاشتراكي بمقترح قانون، يهدف إلى إعطاء دفعة قوية للمسار الديموقراطي ببلادنا من خلال تمكين الرأي العام الوطني من إحدى الآليات المهمة في الممارسة الديموقراطية، ألا وهي الحصول على المعلومات، والتي بدونها يبقى المواطن خارج أية مشاركة في الحياة العامة.
يتضمن مقترح قانون الفريق الاشتراكي على من 43 مادة مقسمة على ستة أقسام كالآتي :
          القسم الأول     : التعريفات والأهداف .
          القسم الثاني     : الحق في الحصول على المعلومات.
          القسم الثالث    : الاستثناءات .
          القسم الرابع    : المفوضية العامة للمعلومات .
          القسم الخامس : أحكام خاصة .
          القسم السادس : أحكام ختامية .


3.     حق المعلومة و القانون الجنائي :
         يمنع القانون الجنائي العاملين بالقطاع الخاص من إفشاء المعلومات إذا كان عملهم " ذا طبيعة حساسة " أو متصلا بالأمن العام أو كيانات سيادية.
و تنص المادة 187 على أسرار الدفاع الوطني وتشمل نطاقا واسعا : "الأشياء والأدوات والمحررات والرسوم والتصميمات والخرائط والنسخ والصور الفوتوغرافية أو أي صور أخرى وأي وثائق كيفما كانت، التي توجب طبيعتها ألا يطلع عليها إلا الأشخاص المختصون باستعمالها أو المحافظة عليها وأن تبقى مكتومة السر بالنسبة إلى أي شخص آخر لكونها يمكن أن تؤدي إلى كشف معلومات من أحد الأنواع المبينة في الفقرة السابقة." ( المادة : 187 )
يؤاخذ بجريمة المس بسلامة الدولة الخارجية كل مغربي أو أجنبي حصل ” بأية وسيلة كانت على حيازة سر من أسرار الدفاع الوطني أو إبلاغه إلى علم الجمهور أو إلى أي شخص لا حق له في الاطلاع عليه من غير أن يقصد من ذلك تسليمه إلى سلطة أجنبية أو إلى عملائها.“ ( الفصل : 192 )
و يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى ثلاثين سنة ، إذا ارتكب جريمته في وقت الحرب، أما في حالة السلم فإن العقوبة هي الحبس من سنة إلى خمس سنوات، والغرامة من ألف إلى عشرة آلاف درهم.


خلاصة

           فعلى الرغم من الإصلاحات القانونية في الدستور المغربي وقانون الصحافة، فإن الحصول على المعلومات قد يتعطل جراء عدد من النصوص القانونية. ولا تزال توجد عقبات قانونية و لاسيما غموض الأحكام القانونية لقانون الصحافة وكذلك أسرار المهنة وأسرار الدفاع الوطني. وهناك دائرة صغيرة من المسؤولين الحكوميين يتاح لهم الحق في الحصول على المعلومات المتصلة بالمؤسسات العسكرية و الدبلوماسية والاقتصادية والصناعية دون سواهم وبدون قيد أو شرط.

0 comments :

إرسال تعليق