| المسرح بين التاريخ و الواقع |




تقديم:
يعد المسرح فنا تشخيصا تعبيريا بامتياز عن صراعات و قضايا و أحوال اجتماعية و اقتصادية أو ما شابه دلك . فالمسرح دينا مي الشكل يتشكل عبر وقع الأوضاع و يصيغ القضية أو الحال على شكل مسرحي ( سواء درامي أو تراجيدي أو كوميدي ... ) بدقة تجعل منه أقرب لفهم الجمهور و خفيفا على القلب و راقيا و حلوا بالأذان بصورة أكثر إبداعا و دقة تحاكي الأنا الإنسانية للجمهور وواقعه المعاش .
فالمسرح فصيلة نادرة تجسد الوجود و الطبيعة وجودا فنيا عبر رسومات تعبيرية ذات حركة و كلمة و خطاب ... الخ ( الديكور , الملابس ... )
فهدا اللون العريق وجد كي يرى و يسمع مباشرة لتكون لمعايشة وقائعه أثرا ايجابيا يجعل المتفرج مشاركا و متحولا على إيقاع العرض ... فهدا ما يجعل المسرح مختارا على عكس غيره و أقرب إلى كينونة الإنسان سواء الفرد أو الجماعة , وهو يتميز بحبكته و قدرته على المراسلة التي تجعل منه فنا يستمر بإرضاء المتفرج .
من هنا نتساءل عن البداية المسرحية بالبلاد العربية ؟ و متى كانت النشأة الفعلية للمسرح العربي ؟ كيف ساهمت مسألة التنظير في الرقي بالمسرح العربي ؟ و كيف كانت البداية المسرحية بالمغرب ؟ و من تم التعرف على واقع المسرح العربي ؟
  • I. تعريف المسرح لغويا و اصطلاحا :
  • 1 ) تعريف المسرح لغة :
    كلمة المسرح ( Théâtre ) أصلها سرح " ( سرحت – سرحا – سروحا ) السيل : جرى جريا سهلا – سرحا المواشي : أرسلها ترعى " (1 ) و تعني " المرعى و الفناء أي – فناء الدار – " (2) و كلا التعريفين يتفقان على أنه مكان للترويح عن النفس.
    2 ) تعريف المسرح اصطلاحا :
    " هو فن تشخيصي يقوم على محاكاة الأفعال البشرية بالصوت و الحركة باستخدام الجسد كمادة أولية و محورية للتعبير , و ما يرتبط به من إشارات دالة على الزمان و المكان أمام جمهور حاضر " (3) المسرح – ج مسارح – المرعى // مكان يعد لتمثيل الروايات و الرقص و اللعب ."(4)
    II. أصل المسرح و تطوره :
    1 ) أصل المسرح :
    لقد نشأ المسرح نتيجة للطقوس الدينية مند العصور البدائية , كان الإنسان يلجأ للرقص و الإيمائي كوسيلة لإرضاء الإله ( بمصطلح أصح القوى الغيبية ) و دلك لكي تهبه الماء و هو أساس الوجود و الحياة الإنسانية . و كان يستعمل الأقنعة و جلود الحيوانات وما شابه دلك ظنا منه أن هده الطريقة كفيلة بإرضاء الآلهة حتى ينال ما يحتاجه لقوت يومه...
    أيضا كان الإنسان البدائي يجسد معاركه و محطاته المهمة في التاريخ .
    لم يكن الإنسان البدائي يتوقف في حدود التمسرح للطقوس الدينية بل كانت وسيلة تتعدى دلك لمحاكاة الآخرين بقصد المعرفة أو السخرية أو النقد .
    2 ) الولادة الحقيقية للمسرح :
    عرفت بعض الحضارات القديمة المسرح قبل الحضارة اليونانية و منها الحضارة المصرية و البابلية و لو بشكل أقل قوة. لأن المسرح لن يعرف حركة تنموية إلا على يد الإغريق القدماء في احتفالاتهم الغنائية و الإنشادية خاصة بالإله " ديونيزوس " اله الخصب ( لا زالت بقايا هدا المسرح بأتينا و الذي يعد أول مسرح أعد بتقنية مبتكرة تتناسب و احتياجات العرض ) " فقد كان هناك جوقة تغني هده الأناشيد لتنقسم الجوقة بعد دلك إلى جوقتين على رأس كل واحد منهما قائد غير أنه في الوقت الذي تحدث أحد أعضاء الجوقة بلسان "ديونيزوس" و أدى جوابه عوض أن يكتفي بمدحه و تعداد مناقبه ولد المسرح لأن هدا يفترض وجود حوار بين الجوقة و رئيسها من جهة و بين من يتقمص دور ديونيزوس من جهة ثانية ." (5)
  • III. البداية المسرحية عند العرب:
  • 1) ظهور المسرح بالبلاد العربية :
    ظهر المسرح في البلاد العربية نتيجة الاحتكاك الثقافي مع الغرب عبر حملة " نابليون بونابرت " إلى مصر و الشام .و عن طريق الاطلاع و التعلم و الرحلات العلمية و السياحية و السفارية.
    فقد أسهم الغربيون إلى حد كبير في تشكيل التاريخ الثقافي المسرحي العربي و دلك ما كان إلا عن طريق الاستشراق الذي نشط مند منتصف القرن 19م ضمن أعمال مستشرقي المدرسة الألمانية (6) ثم المستشرقين الانجليز(7) و المستشرقين الايطاليين(8) و المستشرقين الفرنسيين(9) فقد كانت لهم اليد الطولى في إشهار و تلقين هدا اللون الفني العريق , و لهم الفضل أيضا في أن يزدهر فن المسرح في كل من الشام مع " - أبو خليل القباني ( الذي أسس مسرحه الموسيقي و الغنائي فبدأ في تقديم فرجات تراثية و تاريخية ) - أديب اسحق – فرح أنطون – سليم النقاش و سليم الخياط ..." و المبدعين المصريين " يعقوب صنوع – محمد عثمان جلال – عبد الله النديم – يوسف وهبي و مصطفى كامل ... " الخ من الأعلام المسرحية التي أخدت مشعل و فرصة البداية مع هدا الفن الراقي و بفضلهم
    ستظهر فرق مسرحية و غنائية عديدة خاصة في القاهرة و الإسكندرية ( فرقة اسكندر فرح – فرقة فاطمة رشدي – فرقة جورج أبيض ... ).
    فكان أن نشأت أفكار مسرحية أولى لتاريخ المسرح العربي لكنه ظل و لمدة في أحضان الأدب الاستشراقي دلك تبعا أن الرحالة الأوروبيون سجلوا و درسوا المظاهر الفر جوية في البلاد العربية كــ " كارستين نيبورت و ادوارد لين و بلزوني" من خلال زياراتهم خلال القرن 18م و 19م. و كانت شهاداتهم تتمحور على وجود مسرح شعبي و هدا قبل تجربة مارون النقاش. بالاظافة لدراسة المستشرقين دوي المنحى الأنتربولوجي الدين دعوا إلى توسيع مفهوم المسرح بدراسة للطقوس و المظاهر الفر جوية العربية و دلك باعتبارها إرهاصات .
    2 ) النشأة الفعلية للمسرح بمصر :
    فقد تزايد وعي المشارق بفن المسرح و أهمية الاطلاع على ثقافة و جوانب علاقاته مما دفعهم للخروج من قوقعة الأكل فقط مما تنتجه أصابع المستشرقين و دراساتهم للظواهر المسرحية الشعبية بل سعوا إلى أن يطلعوا على الثقافة المسرحية من خلال كتابتهم الخاصة في هدا الميدان حتى ينبني لهم وعي مسرحي يخول لهم الإنتاج الفعلي. فتمت إنشاء مجموعة من القاعات المسرحية سواء أكانت للعرض الخاص أم قاعات مسرحية أنشأتها الدولة لرعاية الفن و الآداب إبان المرحلة الملكية و الثورة الناصرية بالرغم من الرسائل الانتقادية الخطيرة لهدا المسرح التي كانت تندد بالمستعمر و أصحاب السلطة و الجاه ...
    ساهم المسرح الطليعي الأوربي إلى حد ما في يقظة الإبداع المسرحي في نفوس المشارق مما دفع المسرحيين العرب إلى ممارسة الإبداع المسرحي كتابة و إخراجا و عرضا عوض العيش على التقليد و الاقتباسات و الترجمة , كما حصل مع كل من "مارون النقاش ( صاحب أول مسرحية عربية بعنوان – البخيل – استيحاء من موليير) و أحمد أبو خليل القباني و يعقوب صنوع فهؤلاء لم يكونوا في وضع يسمح لهم بأن يتعمقوا النظر إلى التراث العربي ووسائل استخدامه في مسارحهم الناشئة و دلك راجع لسبب فكرة واضحة و قوية سيطرت عليهم ألا و هي عن د.علي الراعي " أن الفن الذي ينقلونه إلى بلادهم العربية هو الشكل المسرحي الوحيد الذي عرفته البشرية " (10) أي أن فكرتهم ظلت بدون بعد زمني و يفتقر إلى مفهوم التطور .
    فقد استحوذ عليهم تصور أن دخول المسرح إلى الثقافة العربية كما لو كان مجرد تقني لم يستتبع تغييرات عميقة في بنيات الثقافة العربية كما لو كان اقتحاما لأرض خلاء لم تكن لها أية تقاليد فرجوية و لا تجربتها في الترفيه فلم يدروا أن هناك شكلا أخر للمسرح دون المسرح الغربي يمكن أن يستخدموه. ولما سبق فقد وجد المسرحيين العرب أن هناك ضرورة ملحة تدفعهم للبحث عن صيغة مسرحية عربية تلاءم هدا الإنسان العربي في هدا الزمان و المكان ... و اعتبار المسرحية واقعا تاريخيا له صيغه الفر جوية بديلة عن الممارسة الاستهلاكية و القسرية لمسرح أعلن تخليه عن أطروحته المركزية وراح ينهل من فضاءات خارج محيطه السوسيو-ثقافي.فسعوا إلى محاولة الخروج من دائرة التمركز الحضاري و القوالب الغربية التي ظلت فارضة نفسها على الساحة العربية.

    3 ) مسألة التنظير في السعي بالمسرح العربي :
    وجد المسرحيون العرب أنفسهم في غمار التنظير المسرحي انطلاقا من صلب الممارسة الإبداعية النصية و الركحية في مواجهة أنطلوجيا الكينونة و الهوية العربية. وتأسيسا على دلك و لمجموعة من الأساسيات فقد سعى المسرح العربي إلى اختزال عمليتين أساسيتين تتمثل في :
    أولا : تأصيل الظاهرة المسرحية ( ظهرت فكرة التأصيل في حزيران 1967م بعد مجموعة من الكتابات التي تدعوا إلى النقد الذاتي و إعادة النظر في الهوية العربية ) باستلهام التراث العربي و القيام بحفريات في الذاكرة العربية و اتخاذها منطقا لإنشاء متخيل مسرحي ينسجم مع روح العصر و متغيراته انطلاقا من معالجة واقع الإنسان العربي و قضاياه المتعددة. يقول الدكتور - عمر محمد الطالب - في كتابه " ملامح المسرحية العربية الإسلامية " " أن المسرح فن أدبي و بصري يستمد أصوله من مقومات الأمة و ثقافتها و أصولها. و لا يشترط أن يكون منسوخا عن المسرح اليوناني القديم أو المسرح الأوربي الحديث... "(11) و ينحوا هدا المنحى أيضا عبد الكريم برشيد بقوله أن " المسرح العربي قد ولد يوم ولد المجتمع العربي ... هدا الوليد لا يشبه إلا ذاته لأنه في تركيبه مخالف للمسرح اليوناني الغربي و هدا شيء طبيعي مادام أنه مرتبط بشروط جغرافية و تاريخية و اجتماعية و ذهنية و نفسية مختلفة ... "(12)
    أي أن لا فرق في أن يعرض العرض في خيمة أو مسرح أو فضاء أو حتى في الخلاء في شارع أو مقهى أو ما شابه دلك لكن المهم هو أن يمتثل العرض لمتطلبات الثقافة و الحضارة و الأصول و المعتقدات ما دام الأصل في المسرح هو وجود المشاهدين بالدرجة الأولى . فهده المحاولة في التأصيل ليست إلا محاولات بسيطة تضاف إلى محاولات –يوسف إدريس- في مقالاته التي نشرت في الستينات عن مسرح السامر و كتاب ( العرب و المسرح) و كتاب ( الإسلام و المسرح ) و كتاب ( فن التمثيل عند العرب ).
    ثانيا : التناص أو حوارية التثاقف مع المنجزات التقنية للمسرح الطليعي و خصوصا المسرح البريختي باعتباره جماع الاجتهادات البحثية للتيارات المسرحية.أي ملاحقة العصر و النظرة المتجددة و البحث المتواصل في الموجات الحركية و عدم الارتباط بالمحلي القومي فقط.لأن لا شك في أن كل شيء في هده الدنيا يتغير يسير ويتطور هده طبيعة الأشياء ...
    IV. المسرح بالمغرب :
    1 ) : ظهور المسرح بالمغرب :
    انتقل المسرح إلى المغرب من خلال التأثير المشرقي و لا سيما المصري عندما زارت مجموعة من الفرق المسرحية ليبيا و تونس و الجزائر و المغرب, دون أن ننسى التأثير الذي مارسه المستعمر الفرنسي و الاسباني حينما شيد بالمغرب مجموعة من القاعات المسرحية التي كان يعرض فيها المسرح الغربي و خاصة مسرحيات موليير
    الكوميديا أو مسرحياته التي تصف الطباع الأخلاق.فالمغرب لم يعرف المسرح إلا في فترة متأخرة مع القرن العشرين إبان زيارة الفرق المصرية للمغرب "فرقة محمد عز الدين" التي عرضت مسرحية صلاح الدين الأيوبي منذ 1923م, و فرقة " فاطمة رشدي " سنة 1932م التي ساهمت في انتعاش المسرح بتطوان.
    فتأثر مجموعة من الشباب بجملية فن الخطاب المسرحي فكان المسرح بالنسبة لهؤلاء سلاحا ضد الاستعمار إلى حد أن أحدهم أمسى ضحية فنية و هو "محمد القروي" و كان وقفة وطنية تنادي للتغيير و المطالبة بالاستقلال و همهم الأعظم هو النضال و إحياء مفهوم الوطنية فكانت أعمالهم المسرحية خطابا سياسيا يرمي إلى تقريب الواقع المعاش.
    إلا أن البداية ظلت مضايقة و مضطهدة من جانبين :
    أ‌) جانب الدين الذي اعتبر ممارسي المسرح كفارا "أحمد الصديق " في كتاب " إقامة الدليل على حرمة التمثيل "( سيصبح الممثلون قردة و خنازير )
    ب‌) جانب الإدارة الاستعمارية" باسم نظام الحماية كانت تفرض معاييرها و مقاييسها التي لا يملك المبدع فيها أي فرصة للنجاح إلا بالمغامرة و كانت تمارس وصاية حقيقية على العمل الإبداعي و تقنن شروط العرض المسرحي "(13)
    فهده المضايقات السياسية هي التي كانت دافعا حقا لبعض القادة السياسيين إلى الكتابة للمسرح "عبد الخالق الطريس" كتاب – انتصار الحق على الباطـل- "علال الفاسي" بقصيدته التي يمدح فيها مجموعة من الشباب الدين قاموا بتمثيل مسرحية تاريخية.
    2 ) المسرح المغربي في عهد الاستقلال :
    حاولت مجموعة من المسرحيين المغاربة في هده الأثناء الخروج من ضيقة العمل المسرحي القائم على التأثير الشرقي و الاتجاه به نحو أفاق أوسع عن طريق الانفتاح على الغرب و دراسة طرق الإخراج و اقتباس و ترجمة المسرحيات و الدراسات ... فكان أن سادت المسرح المغربي تمويهية تساير الوضع دون أن تطرح تصورات مستقبلية على مستوى معالجة القضايا.وقد ظل في الغالب إلى نهاية الستينات مرتبط بتقاليد المسرح الكلاسيكي , البوليفاري , العبثي , و الواقعي .من علامات هده الفترة على الصعيد "الفني و الجمالي هو اهتمام الصديقي بالتراث المغربي و محاولة الغوص في أعماقه لمسرحته"(14)
    فاتخذ " الحلقة " كفضاء سحري يخول له تقديم عرض شامل يوظف العديد من الوسائل التقنية التي تجمع بين المؤلف و الغريب, بين الشاعري و المبتذل, بين السمعي و البصري, بين الإنساني و الشيئي ... فكثرة الحركة و البراعة تعد روحا اللعب و الكلمات هي جسم العمل المسرحي و الخطوط و الألوان هي كينونة الديكور و الإيقاع هو جوهر الرقص .
    فقد أسس الطيب الصديقي(15) لنفسه و للمسرح العربي عموما صيغة مسرحية تقوم على توليف فني للموروث الشفهي و البصري بشكل مبهج و فرجوي لا يخضع في الغالب إلى بنية كلاسيكية و لا لتقنيات الأداء الواقعي. فقد تحكم في أدوات صناعة الفرجة المسرحية بتوظيف الإنارة و قطع الديكور المتحركة و الحاملة لعلاقات بصرية تراثية كالأقواس و الزليج و الملابس ...فهدا الحس الجمالي هو الذي يخلق توحدا وجدانيا للمتفرج مع العرض.
    3 ) الحركة التنموية بالمسرح المغربي :
    بعد الاستقلال حاولت وزارة الشبيبة و الرياضة إنشاء معهدين قصد تنظيم النشاطات المسرحية كان أولهما < مسرح الهواة > بالرباط و < دار المسرح > بالدار البيضاء و مجموعة من المسارح أخرى بعد دلك. فكانت هده الفضاءات فرصة لإبراز المواهب و الطاقات في ميدان المسرح حتى أن الصحافة الفرنسية قد ركزت مقالاتها باتفاق شامل على القيمة الفنية التي طبعت الفرجة المغربية كما هو الشأن لجريدة " لرور" " يرى مراسلها أن قدوم المسرح المغربي إلى فرنسا كان بمثابة اكتشاف لقد أعجب الجمهور و اندهش و اهتز طربا عندما شاهد < عمايل جحا>و ولاحظ تركيبها و ألوانها الجميلة "(16)
    ولا ننسى اقتراحات إنعاش قطاع المسرح طبقا للتوجيهات الملكية السامية يوم 14 مايو 1992م ( اليوم الوطني للمسرح )(17) ومن بعض اقتراحاته : أ) تحرك سلاليم المسرحين الموظفين و إيجاد عمل فني لكل المتفرغين ... ب) دعم التكوين المسرحي بتكوين تقنين خارج الوطن... ت) مساهمة الجماعات المحلية في دعم المسرح و سن برنامج بناء قاعات بكل المسارح المغربية ج) مساهمة التلفزيون المغربية في دعم المسرح بالإعلان عن العروض بدون مقابل و شراء حق البث بأثمنة تشجيعية ...

  • V. واقع المسرح بالبلدان العربية مصر و المغرب :

  • 1) واقع المسرح المصري :
    انتهى الموقف المسرحي الجاد في مصر حين اتخذت كل من التلفزيون ووزارة الثقافة المسئولة عن المسرح موقفا خاطئا.ليرتفع عدد فرق التليفزيون في حين يقع العكس على فرق المؤسسة ودلك أن التليفزيون أخد يخطف فنانيها و يبالغ في دفع الأجور و التمتع بامتيازات أخرى كثيرة لم تكن متاحة لفرق المؤسسة كحرية الإنفاق بعيدا عن الروتين و ما شابه دلك .
    وفي ظل هده الحروب بين الوزارة و التليفزيون خسر الفن المسرحي كثيرا فضاع الانضباط الذي كانت تحرص عليه فرق المؤسسة و أخد فنانوها يهملون حضور جلسات التدريب لانشغالهم في أعمال التليفزيون المسرحية فأصبح الأجر هو الشيء الذي يجعلهم يقبلون أو يرفضون أي عرض و لا أهمية لقيمة العمل ذاته بمعنى أن النشاط المسرحي أصبح تجارة أنشأها التليفزيون فكان أساس المسرحيات التليفزيونية هو الهزل قبل كل شيء.حتى أنها أسدلت ستارا سحريا يجعل من المتلقي مشاهدا فقط لا يبدل أي جهد في تقييم العمل المسرحي فانعزل المسرح الجاد و استحوذ عليه الهزل...
    2) واقع المسرح بالمغرب :
    لقي المسرح المغربي في الآونة الأخيرة رعاية خاصة عن غيره من الفنون سواء مادية حيث تلقى دعما مادية من الدولة بفضل دينامية " يعيش المسرح المغربي " و هي سياسة مسرحية أفادت الناحية المادية من جهة. و من جهة أخرى رخصة لتأسيس فرق محلية في جهة المغرب... و بروز فاعلين مسرحيين مثل المسرح الجامعي و خريجي معهد المسرح وأيضا النضج الذي لحظه النقد المسرحي بظهور حساسية نقدية جديدة تخرجت من الجامعة و التي خبرت أدواتها النقدية في مسرح الهواة و المسرح الجامعي .
    فمند بداية التسعينات أي بعد تخرج الأفواج الأولى من المعهد الوطني للمسرح و التنشيط الثقافي الذي تم تأسيسه بالرباط سيجدون بعد مدة قصيرة من الزمن وضعا لا يحسدون عليه فلا وجود لبنيات تحتية مسرحية ولا وجود لسوق مسرحية, وبالتالي لا وجود لمسرح احترافي بالمرة.
    فقد وجدوا مسرح الهواة في نهاية أنفاسه المتقطعة, وبضع فرق تراهن على (احتراف خاص بها) مثل مسرح الطيب الصديقي ومسرح اليوم ومسرح عبد الحق الزروالي, وهي الفرق التي تحافظ على مستوى جيد للفرجة المسرحية بالمغرب.
    هذا من جهة و من جهة أخرى كصعوبة الاحتراف فالمسرحيين الدين يعدون محترفين الآن فهم لا يعيشون من المسرح وحده أي يمكن اعتبار مسرحهم مسرح هاو محترف. هذا ما دفع وزارة الثقافة, التي نظمت مهرجانين للمسرح الاحترافي بالمغرب نهاية موسم 1998/1999 وموسم 1999/2000, إلى أن تحذف في المهرجان الثالث (يوليو 2001) كلمة (احترافي) ليصبح المهرجان الوطني للمسرح المغربي. و من جهة أخرى عانى المسرح حالة الاقتباس لأن أغلب مشاريع المسرحيات المرشحة للدعم المسرحي سنة 2003م تعتمد نصوصا أجنبية أو مقتبسة و غيره كإهمال النص المسرحي (الجمع بين التأليف والإخراج لصنع الفرجة المسرحية ) فقد ظلت تجربة مرتبطة بالقرن التاسع عشر في حين أنها الآن ورغم ظهور بعض المحاولات لإحياء النص المسرحي حيث عملوا على الجمع بين الإخراج و التأليف (محمد الكغاط, روجيه عساف, الطيب الصديقي, فاضل الجعايي...) تعد تجربة محدودة.
    و لا ننسى أن الإنسان العادي أيضا له يد في توقف عجلة المسرح و دلك راجع لعدة أسباب مثل: - ندرة المتفرج الذي يشارك المسرحية بوجدانه و أفكاره – المعانات المادية للطبقة الكادحة – التأثير الكاسح للتكنولوجيا - فقدان الدوق الفني ...
    خلاصة
    لا يمكن للفن المسرحي أن يقدم لنا مبدعين مسرحيين بمعنى الكلمة مادام ليس هناك ارتباط بالنشاط المسرحي نفسه و الذي لا يزال محبوس المدارس و الجامعات لأنه لم يجد موسما مسرحيا بمعنى الكلمة و لا ميزانية قد ترقى بمستوى العرض إلى الأفضل و لا مسارح قد تدفئ إبداعاتهم و لا جمهور قد يحي الأمل في هدا الفن الراقي الجميل ...
    فالمفروض لكي يحي المسرح بنشاطه من جديد يجب أن نعتر على هوية مسرحية عربية و أن نعتبر المسرح امتداد في الحاضر لروافد فنية و حكائية و تمثيلية بدأت مند قرون ...
    ففي هدا الزمن يجب أن يترسخ لدى كل شخص كيف ما كان أنه سيد و ملك و ممول للعرض.

    المراجع و المصادر :
    v فكر و نقد " مجلة ثقافية شهرية " السنة العاشرة - العدد 95 - فبراير 2008
    v عبد الواحد عوزري - المسرح في المغرب -" بنيات و اتجاهات " الطبعة الأولى 1998 - دار توبقال للنشر .
    v حسن المنيعي - المسرح مرة .. أخرى - سلسلة شراع العدد 49 سنة 1999 .
    v د.علي الراعي - المسرح في الوطن العربي - سلسلة عالم المعرفة العدد 25 يناير 1978 .
    v د. رشاد رشدي - فن كتابة المسرحية - طبعة 1998 " الهيئة المصرية العامة للكتاب.
    v محمد الشعروشني - في تأصيل المسرح العربي - مجلة الثقافة المغربية العدد 5 السنة الأولى يناير - فبراير 1995 .
    v عبد العزيز حرير - حوارات مغربية - الطبعة الأولى .
    v جريد الملاحق الثقافي - العدد الثاني - يوليوز 1993 تصدرها وزارة الشؤون الثقافية المغربية .
    v المنجد الأبجدي - الطبعة العاشرة - دار المشرق ش.م.م. بيروت - لبنان .
    v رائد الطلاب لـ جبران مسعود - الطبعة السادسة - 10 تشرين الأول / أكتوبر 1999 .
    v المقرر للجدع المشترك الآداب و العلوم الإنسانية " الأساسي في الثقافة الفنية " الطبعة الأولى 1426 / 2005 .
    v جميل الحمداني عمرو ( المسرح العربي بين الاستثبات و التأصيل ) مقال مأخوذ من أحد المواقع الالكترونية .

    0 comments :

    إرسال تعليق