| قـصـيـدة " العروس " لـ صفوان القناص |



عُوجا عَلى طلل ٍ بِالقُفصِ خُلّانـي

أَقــوى فقطَّـانُـهُ أرآلُ هِيـقـانِ

كالدَيْبُليّـات أو إجْــل قَراهـبـة

من بين أحمـر يرعاهـا وثِيـرانِ

وغَيّـرَتْ آيـه ريــحٌ شآمـيـةٌ

ووَبْـلُ مُثْعَنْجِـرٍ بالسيـل مِرْنـانِ

أجـشّ مُغْلَنْطِـقٌ مُغْـدَوْدِقٌ غَـدِقٌ

مُـهْـرَوْرِقٌ وَدِقٌ مُسْحَنْـفِـرٌ دانِ

أضحى خلاءً وأمسى أهله شَحَطـوا

نواهم حيـث أمّـوا أرضُ نَجْـرانِ

أرضاً نأت ونـأى للحـيّ قاطِنُهـا

إذْ حَلّ أرضـاً بهـا أبنـاءُ ذُبْيَـانِ

يـا صاحِبَـيَّ أَلِمّـا ساعـةً وقِفـا

في دارِ أخت بني ذُهل بـن شيبـان

وما وقوف امرئ هاجـت صبابتَـه

سُفْعُ المَلاطم مـن تلويـحِ نيـرانِ

ومُفْرَدٌٍ تركـتْ أيـدي الإمـاء بـه

غدائرَ الشعر شُعْثـاً غيـرَ إدهـان

عليه مثل وِشاح الخَوْدِ قـد نحـلا

من طول عهدهـم بالحـيّ رِبْقَـانِ

فالدار مُوحشـةٌ مـا إن بعَرْصتهـا

إلاّ النـعـامُ وإلاّ بُـقْـعُ غِـربـان

يَحْجُلْن في عَطَن قد كنـتُ أعهـده

قبـل الحلـول بـه للعيـن مَـلآن

كأنما هي رَأْيَ العيـنِ عـن قُـذُفٍ

أصاغِرٌ من بنـي نُـوْب وحُبْشـان

دارٌ لجاريـةٍ، حــوراءَ لاهـيـةٍ

كالشمس ضاحية، في حُسن جِنّـان

بالوصل راضيةٍ، عهـدي مُواتيـةٍ

عَنِّي مُحاميـةٍ، تجفـو وتنسانـي

هِرْكَوْلَةٍ بَهَرٍ، تختـالُ فـي طُـرَر

تشفيك من أُشُـر، غَـرّاءَ مِفْتـان

عَلّـتْ مآليَهَـا، منهـا عواليَـهَـا

تأوِي عَلاليَها، فـي سَتْـرِ أكنـان

كحلاء في دَعَج، عيناء فـي بَـرَج

نَجْلاء في زَجَج، تسلـو وتقلانـي

شنباء في بَهَج، لَميـاء فـي فَلَـج

خدلاء فـي بَلَـج، أدنـو وتنآنِـي

غيداء في رَبَـل، لفّـاء فـي رَتَـل

هيفاء في ثقل، في النوم تغشانـي

لعساء في خَصَر، قنواء في صِغَـر

كالرِيْم في بَقَر، من وحش عدنـان

جيداء في حَوَر، وسنَى على خَفَـر

شمّاء في بَهَر، من خيـر نسـوان

في جيدها سُمُط، من تحتهـا قُمُـط

من فوقها قُـرُط، أعـلاه شِنفـان

غِلمانهـا سُخُـط، كأنهـم شُـرُط

أنجالُهم لُقُط، مـن نسـل شيطـان

عُلّقتُهـا حِجَجـا، مـزوّرةً غَنَجـا

بالهجر فهي شجاً، لي بين أقرانـي

تُلْهِي مُسامِرَها، تُذكـي مَجامرَهـا

تغدو غدائرهـا، بالمسـك والبـان

تكسو مَجاسدَهـا، منهـا قلائدَهـا

تُعْبِي عتائدَهـا، معشـوق أدهـان

صُفـر ترائبُهـا، زُجّ حواجبـهـا

سود ذوائبهـا، كالحالـك القانـي

بِيض مَحاجرُهـا، فَعْـم نواشرهـا

يشْفَى مُباشرُهـا، منهـا بعصيـان

زهـراءَ خَرعبـةٍ، رُودٍ مبطَّـنـةٍ

للعيـنِ مُعْجِبـة، تَنْفِـي لأحزانـي

خَوْدٌ مهذَّبةٍ، في الخـدر مُخْصِبـةٍ

عَنِّـي محجَّبـةٍ، عمـداً لـخِـذلانِ

راحـت مبتَّلـةً، عيطـاءَ عَيطلـةً

كالرِيم هَيكلـةً، فـي زُهْـر كَتَّـان

للـوُدِّ مازجـةٌ، للخِـدر والـجـةٌ

ليسـت بخارجـة، تهفـو ببُهتـان

وفتيةٍ نُجُـب، مـن معشـر غُلُـب

في منتهى نسـب، تَنْمِـي لغَسّـان

أكابـرٍ رُجُـحٍ، أخـايـرٍ سُـمُـحٍ

كارم نُجُـح، مـن نسـل قحطـان

راحوا على عَجَل، في مَوكِبٍ حَفـل

في غير ما عِلَل، فـي خيـر إبّـان

في مَهْمه قصدوا، حتّـى إذا وردوا

والناس قد هجدوا، والليـل لونـان

قمـراؤه يَقَـق، فـي لونـه بَلَـق

قد حَفَّهُ غَسَق، فـي غيـر تِبيـان

أضحوا وقد قطعوا، بِيداً لهـا لُمَـعٌ

فيها الطلا رُتُـع، أطـلاء ظِلمـان

حلّوا بذي طَرَب، يسمو إلى حسـب

في بـاذخ أشِـب، أُخْـتٍ لإخـوان

في قصرها غُرَف، من تحتها سُقُفٌ

من فوقها شُـرَف، زينـت بإيـوان

قد حفّه كُثُب، مـن حولـه قضُـبُ

مكنونـة شَطـب، حُفّـت ببُستـان

خِلالَـه نَهَـرٌ، وبيـنـه شـجـر

يزينـه ثَمَـرٌ، مـن زَهْـر قِنـوان

أغصانها نُضُـر، أوراقهـا خُضُـر

أنهارُها غُزُر، من ضـرب شَفّـان

زُهر منابتهـا، دامـت غضارتهـا

بُحٌّ فواختهـا، مـن طـول تَرْنـان

صرّت جنادبُها، عاشـت عَناظبُهـا

تعوِي ثعالبها، مـن حَـول عِيـدان

تلهو بدُرّاجها، عن صوت صَنّاجها

و طِيبِ بَهراجها، أو نَوْحِ وِرْشـان

أو صوت قمريّة، تدعـو بصُفريّـة

تبكي لكُدريّة، من فـوق أغصـان

مُكَّاؤها غَـرِد، فـي روضـة فـرِد

من طِيبها صَـرِد، حـلاّه طَوْقـان

عصفورها طَرب، في لونه خَطَـب

في صوته صَخَب، يبكي لِصـردان

أو باشَـقٌ كَلِـبٌ، للطيـر منتهِـب

قد عاقه تَعَب، مـن جمـع غِربـان

تُفّاحُهـا هَـدِل، أُتْرُجّهـا خَـضِـل

عنقودهـا زَجِـل، حُفّـت برُمّـان

بيضاء في حمرة، حمراء في صُفرة

صفراء في خضرة، من بين ألـوان

جاءوا على مَهَل، من غير ما عِلَـل

يمشون في حُلَل، من وشي صَنْعان

شُـمّ مراعفهـم، جُـمّ مَلاحفُـهـم

قامت وصائفهـم، أمثـال غِلمـان

دُرْم مرافقهـا، بُـقـع مناطقـهـا

قُـرّ قراطقهـا، زينـت بتيـجـان

يسعَيْن في لَطَف، يَرْعُدن من عُنُف

كالراح في صُحُف، أشبـاه غِـزلان

صهباءَ صافيـةٍ، صفـراء فاقعـة

للمرء رافعة، مـن عصـر دِهقـان

تشفِي بشربتها، من طيب فرحتهـا

تحكـي بنكهتهـا، تُفّـاحَ لُبْـنـان

والمسك إن مُزجت، والسُكّ إن فُتقت

والوبل إن بُزلت، صِرفـاً لرَشفـان

في الدَنّ قد عَتُقت، حولين فامتنعت

تحكي إذا صُفقت، إكليـلَ مَرْجـان

تجول في طوقها، كالدُرّ من فوقهـا

تكفيك من ذوقها، من غير إدمـان

يَعْمَلْـن مُعْملـةً، زُهْـراً مفـدَّمـةً

صُفراً مقوَّمة، مـن تِبْـر عقيـان

كأنهـا بُقُـع، مـن أطيُـر وُقُــع

لاحت لها سُفُـع، أصغـت بـآذان

في ريشهـا طَـرَق، ألوانهـا زُرُقٌ

أذنابها بُلُـق، مـن طيـر جُلجـان

حُمر قوائمهـا، صُفـر خراطمهـا

بيـض حلاقمهـا، ريعـت بنيـران

أقعت على فَرَق، في صحصح أَنِـق

يَنْظُرن في حَدَق، من خوف عِقبـان

وعندهم قَينة، فـي شدْوهـا غُنّـة

ليست بها ضِنّة، من قَـرْع حَنّـان

نَفْـج روادفهـا، عَـذب مَراشفهـا

دُكن مَطارفُها، مـن خَـزّ نَجْـران

يُلْهيك مَطْرَبُها، يُسليـك مَضْرِبُهـا

يُنسيـك مَلْعبُهـا، أقـوالَ فتيـان

تحكي بتهجاسها، تقطيعُ أنفاسهـا

باتت على رأسها، إكليـلُ مَرجـان

في صوتها صَلَق، في عُودها نَـزَق

أوتارُهـا نُطُـق، تَلْفِظـه كَـفّـان

حتّى إذا ثَمِلوا، من طُول ما نَهِلـوا

قالوا وما عقلوا، تِمثـالَ وَسْنـان

قَتْلَى وما قُتلوا، جَهْلى وما جهِلـوا

سَكْرَى وما انتقلوا، من حكم لقمان

ماتوا وما قُبروا، عاشوا وما نُشروا

قاموا وما حُشروا، من تحت رَيْحان

دارت قواقرُهـم، لانـت مُغامزُهـم

طابت غرائزهم، من خيـر أخـدان

حنّت مزامرهم، طابـت مَسامرهُـم

عالت عناصرهم، من قصر غُمـدان

قالوا لَدَى طـرب بالقـول لا كَـذِبٍ

الحمـد لله شكـراً كُـلَّ أرمــان

0 comments :

إرسال تعليق