| الرواية العربية |




تقديم : إن الرواية هي تشکيل للحياة ويعتمد هذا التشکيل علی حدث الإنسان فی خلال شخصيات متفاعلة مع الأحداث والوسط الذی تدور فيه هذه الأحداث لكي تصل فی النهاية إلی نتيجة اجتماعيّة أو سياسيّة أو فلسفيّة و … فحاجة الإنسان إلی رواية الأحداث التي تقع له ودفع الآخرين إلی مشاركتها هو انتقال تجاربه وأحاسيسه إلى الآخرين و هي من الحاجات الفطرية للإنسان التي ينقل فيها حاجته إلی العالم الخارجي بطرق مختلفة، وكان أكملها رواية الأحداث عن طريق اللغة. رواية الأحداث في بداية الأمر ظهرت بالأشكال القصصية المحددة فی الأحداث والشمول والتصوير وفي الموضوعات الخياليّة والوهميّة ثم برزت بشکل القصة الطويلة بصفة غير محددة فی الشمول والأحداث وکانت موضوعاتها غير الواقعية علی أساس أمور الغيبيّة والوهميّة لإرضاء قرائها ثم تميل إلی الحديث عن وقائع الحياة بدافع علاج الواقع الإنساني والنفسي والاجتماعي.
إنّ نشأة الرواية في الأدب العربي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأوضاع السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة في العالم العربي خاصة مصر، وبعد العصر العباسي وبداية الحكومة العثمانيّة وبعده في القرون الثلاثة التي سيطر عليها الحكم التركي علی مصر « أغلقت المدارس بل هدمت وانتهت …وتعطلت الحركة الأدبية، بل تحجرت وانحرفت اللغة، بل فسدت … ومن هنا أصبح الأدب في حالة من السقم تقارب الموت فكانت تمثله نماذج نثرية وشعرية، ليس وراءه أي صدق إحساس أو فنية تعبير … وقد كان أغلب النتائج الأدبي لتلك الفترة تدور حول المدائح النبوية والأمور الإخوانية والمراثي الباردة والمواعظ المباشرة…» (1)
الرواية ونشأتها في الأدب العربي:
فترة اليقظه في العصر الحديث :
بعد هذا الركود جاءت فترة اليقظه، الفترة التي تبدأ «بتلك السنوات التي شهدت خروج البلاد من ظلمات العصر التركي، لتفتحّ عيونها علی نور الحضارة الحديثة ولتأخذ طريقها في موكب المدنية المتقدمة … ومن الممكن تحديد تلك البداية بسنوات الحملة الفرنسية ومن سنة، (1798 إلی 1801م)، أي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر …» (2)
يلخص نتيجة هذه الحملة أولاً: «تعرّف المصريين علی الحضارة المدنية الغربية علی حد ما، وثانياً: تكوين إحساس بالشعور القومي أمام المحتلين وبعد خروج الفرنسيين عن مصر، انتخب الشعب "محمّد علي" للحكم في مصر، قد استقدم محمّد علي أول الأمر الأساتذة الأجانب للتدريس في المدارس المختلفة ونظراً لعدم معرفة هؤلاء بلغة البلاد ومعرفة التلاميذ بلغتهم، فقد استعان بالمترجمين من السوريين والمغاربة وغير هم…» (3)
ثم «أرسل محمّد علي البعثات إلی أوروبا، ليقوم أبناؤها فيما بعد بمطالب الجيش، وللتدريس في تلك المدارس … وقد تعددت البعثات وتنوعت… وهكذا كان أول لقاء عملي بين المصريين والثقافة الغربيّة في العصر الحديث …فقد عاد هؤلاء المبعوثون بعلم جديد وعقليّة‌ جديدة إلی بلادهم … وترجموا أو ألّفوا وخططوا بهذا ووضعوا أساس الثقافيّة الأدبيّة الحديثّة.» (1) لقد كان النثر في هذه الفترة «يعبرعن موضوعات ساذجة ويتقوقع في الرسائل والمقامات ونحوها من الأنواع التقليديّة …علی أنّ بعض النثر قد خطا خطوة أبعد من تلك الأغراض الساذجة … وأصبح يحمل زاداً فكرياً حيناً وتجارب إنسانيةً حيناً آخر … وكان باكورة ذلك كتاب «تلخيص الإبريز في تلخيص باريز» لرفاعة الطهطاوي …تحدث فيه رفاعة عن رحلة إلی باريس … والباحثين يعتبره البذور الأولی للرواية التعليميّة في الأدب الحديث.» (1)
«وكان طبيعياً أن يأخذ كتاب "رفاعة الطهطاوي"، "تلخيص الإبريز" شكل رحلة كان فيها أكثر تعليمية ومباشرة من كتب الرحالة العرب القدامي …»، (1) .و«رغم أنّ الكتاب قد جاء مزيجاً من خصائص كتب الرحلات والكتب العلميّة… مع خلو تام من كل عنصر الروائي…» (1) ثم بعد الاتصال بأوروبا والتأثر بآدابها اتّّجه الأدباء، إلی القصص العربية وحاولوا أن يترجموها و كان رفاعة الطهطاوي هو الرائد لهذه الحركة، فترجم "مغامرات تليماك"،"لفنلون" وسماها مواقع الأفلاك في وقائع تليماك… فقد نقل القصة إلی أسلوب السجع والبديع، المعروف في المقامات … يقول رفاعة الطهطاوي في مقدمة تليماك: «إنّه مشتمل علی الحكايات النفايس في ممالك أوروبا وغيرها وعليه مدار التعليم في المكاتب والمدارس فإنّه دوّن كل كتاب مسخون بأركان الأدب ومشتمل علی ما به كسب بأخلاق النفوس الملكية وتدابير السياسات الملكية.» (4) وتعد "وقائع تليماك" أول مظهر من مظاهر النشاط الروائي في مصر في القرن التاسع عشر والهدف التعليمي واضح من مقدمته التي كتبها رفاعة علی الرواية المترجمة، وسماها ديباجة الكتاب … وواضح أنّ رفاعة ترجم روايته لهدفين، الهدف الأول، تقديم نصائح للملوك والحكام والهدف الثاني، تقديم مواعظ لتحسين سلوك عامة الناس … ثم «قدّم فرح أنطون قصة في نفس الشكل كان مجالها المشاكل الاجتماعية واختار علي مبارك مجال الرحلة أيضاً لجهوده التعليمية في كتاب، "علم الدين" وكتابه أكثر جفافاً عن كتب الرحالة العرب القدامی وإن كان يتميز هو وفرح أنطون بأنّ رحلة كل منهما التعليميّة، ‌كانت رحلة متخيّلة … وإن كان ذلك لا يميزها عن قصة "حي بن يقطان"، التي كانت أحداثها متخيّلة أيضاً.»(4) و«لم يكن تعليم العلوم هو القصد الوحيد لعلي مبارك من كتابه ولكنه حاول المقارنة بين بعض العادات الشرقيّة والغربيّة ولذلك كان علي مبارك ينظر في كتابه إلی طلبة في المدارس المدنيّة الأخری إلی مشايخ الأزهر، الذين رفضوا محاولاته لإدخال العلوم الحديثة في الأزهر…ولذلك اختار في روايته شيخاً أزهرياً وسماه "علم الدين" … وعلي مبارك يقدّم لنا بهذه الصورة المقارنة بين العادات الشرقيّة والأوروبيّة وهي المحاولة التي سنلتقي بها في صورة أكثر تطوراً في حديث "عيسی بن هشام"…» (2)
تطور الرواية العربية الحديثة، عبد المحسن، طه بدر تطور الأدب الحديث في مصرفي مصر من أوائل القرن التاسع عشر إلی قيام الحرب الکبري الثانية: ص13 تاريخ آداب اللغة العربية : ص27 - جرحي زيدان- بواكير الرواية، محمد سيد البحراوي – عن أحد المواقع الالكترونية –
التيار التعليمي الخالص في بداية القرن العشرين:
«اقترب المويلحي في "حديث عيسی بن هشام"، وحافظ إبراهيم في "ليالي سطيح"، من أشكال النشاط القصصي الذي اعترف به كبار مثقفي تراثنا وهوشكل المقامة.» (5) «ومن عنوان كتاب المويلحي ومن إهدائه لكتابه، تظهر صلته بالتراث العربي القديم وبزعماء الإصلاح الديني والاجتماعي واللغوي الذين كانوا يهدفون في إصلاحهم إلی إحياء هذا التراث وهو لا يسمی كتابه قصة أو رواية وانمّا يسميه حديث عيسی بن هشام وهو يذكرنا في عنوانه بالمقامة من ناحيتين، الناحية الأولی تتمثل في طبيعة من حيث تصويرها … وأما من حيث الإهداء، فقد أهدی كتابه لوالده رمز الصلة التي تربطه من ناحية، ولكونه شق له طريق التأثر بالمقامة في كتابه حديث موسی بن هشام الذي اعتمد علی أسلوب المقامة اعتماداً كبيراً…» (6)
ولكن، «مما يفرّق بين حديث عيسی بن هشام وبين المقامة من ناحية والرواية التعليميّة التي سبقته من ناحية أخری،‌ أنّه حاول إيجاد رابطة داخليّة بين فصول كتابه وهذه الرابطة وإن بدت ضعيفة باهثه…فانّها ظاهرة جديدة علی الرواية التعليمية… فالمقامات تعبر عن مجموعة من المواقف المنفصلة… فانّ مجال المقارنة بين المقامة وبين القصة القصيرة أوسع من مقارنتها بالرواية.» (6) تيار ما بين التعليم والتّرفيه أو الرواية التاريخيّة وبعد التيار التعليمي الخالص، نصل إلی تيار ما بين التعليم والتّرفيه، ويعتقد الأدباء بأنّ هذا التيار قد بدأ بيد المهاجرين الشوام، الذين كانوا بحكم ظروفهم أكثر إقبالا علی الثقافة الأوربيّة وآدابها وفي الوقت الذي كان المثقفون المصريون والمتمصرون مشغولين فيه بمحاولة تثقيف المصريين وتعليمهم، ثم بمحاولة الإصلاح الاجتماعي وبثّ التراث العربي القديم، كان المهاجرين الشوام مشغولين بنقل الأشكال الأدبيّة العربيّة إلينا.» (6) وفي الحقيقة، «ظهر هذا الاتجاه الروائي التاريخي علی يد "جورجي زيدان"…قدم سلسلة من الروايات التاريخيّة التي تضم في ثنايا البناء القصصي أطراف التاريخ الإسلامي في المشرق والمغرب فقدم، "فتاة غسان" لعرض الأحداث التاريخيّة التي صاحبت الغزوات الإسلاميّة الأولی… وقدم "أرمانوسة المصريّة"، لعرض الأحداث التاريخيّة التي صاحبت فتح العرب لمصر وكتب "عذراء قريش" و"غادة كربلاء" و"الحجاج بن يوسف" للتاريخ للوقائع التي حدثت خلال الصراع السياسي و…» (7)
و تحتوي كل رواية من روايات جورجي زيدان عنصريين أساسيين،‌ الأولی عنصر تاريخي يعتمد علی الحوادث والأشخاص التاريخية، والثاني عنصر خيالي يقوم علی علاقة غرامية بين محبين… ومن جانب آخر « قد حاول، "فرح أنطون" تقليد جرجي زيدان في رواياته التي تجمع بين تعليم التاريخ والغرام، فكتب روايته "أورشليم الجديدة"، التي يتحدث فيها عن فتح العرب لبيت المقدس في عهد الخليفة عمر، وقد ضمنها عنصراً غرامياً ولكنه أضعف بكثير من العنصر الغرامي عند جرجي زيدان…» (6)
رواية التّسلية والتّرفيه:
كانت الرواية التعليميّة، تخاطب المثقفين المصريين لأهداف التعليم وإصلاح المجتمع عن طريق النقد الاجتماعي التي متأثرة بالعلوم الغربيّة، في حين أنّ الرواية ما بين التعليم والتّرفيه تأخذ جانبا خاصا في نقل الرواية وهي عبارة عن الأحداث التاريخيّة بمشخصاته وترضي عدداً خاصاً من القراء ولكن رواية التّسلية والتّرفيه تخاطب الجماهير، لإرضاء ميولهم وأذواقهم لأنّ سياسة المحتلين منذ عصر إسماعيل « تتجه إلی مقاومة التعليم عموماً والتعليم العالي بصفة خاصة، وذلك لخلق نموذج من القراء لا يتمتع باستقلال الشخصيّة ولا القدرة علی التفكير الحر المستقل … وقد ساعدت هذه السياسة علی إيجاد طائفة كبيرة من المصريين، يستطيعون القراءة والكتابة ولكنّهم لا يتمتعون بقدر مناسب من الوعي يدفعهم إلی التنبه للمشاكل الحقيقيّة … ووظيفة القراء عند هذه الفئة مقتصرة علی تحقيق حاجتها إلی التسلية وإلی نسيان هموم وآلامه.» (6)
«وقد ساد تيار رواية التّسلية والتّرفيه في الفترة التي تمتد من أواخر القرن التاسع عشر، إلی الثورة القومية في سنة 1919م، وظلت الرواية حتی هذه الفترة غير متعرف بها من كبار المثقفين والأدباء، لأنّ المثقفين كانت جهودهم مركزة إما في ميدان النضال السياسي أو في ميدان الإصلاح الاجتماعي… ولذلك ظل ينظر إلی الرواية علی اعتبارها وليداً غير شرعي في هذا المجتمع…» (6) ونری بأنّ هيكل، كاتب رواية "زينب" اضطر «نتيجة لهذا الاحساس إلی عدم إطلاق لفظ رواية علی روايته زينب وسماها "مناظر وأخلاق ريفية" ،كما أنّه ‌لم يجسر علی وضع اسمها عليها ولكنّها اكتفی بوصف مؤلفها بأنّه «مصري الفلاح »… وأنّ موضوعها هو الحب، تلك العاطفة التي ينظر إليها بنفس الاستنكار الذي كان ينظر به المثقفون إلی الرواية.» (6) و إذا كان كبارالمثقفين من المصريين والممتصرين المسلمين، قد نظروا إلی الرواية هذه النظرة، رفضوا أن يشغلوا أنفسهم بها، فإنّ المهاجرين من الشام هم الذين حاولوا تقديم هذا الفن لهذه الفئة الجديدة من القراء …
الصحافة وأثرها علی رواية التّسلية والتّرفيه:
كان الدافع الأكبر الذي دفع المهاجرين الشوام إلی تقديم روايات التّسلية والتّرفيه يرجع إلی اشتغالهم بالصحافة وسيطرتهم علی الصحف والمجلات منذ بداية عهد الاحتلال … وفي أوائل عهد الاحتلال قضت سلطات الاحتلال علی الصحافة الوطنيّة ولم يبق من الجرائد ذات النفوذ إلی جرائد المهاجرين الشوام وأهمها الأهرام… و في أوائل عهد الاحتلال خفت عن حدة الجمهور علی الصحف السياسيّة في هذه المجلات… فقد انتشرت في الفترة الأخيرة من القرن التاسع عشر… رواية سلسلة … وتقديم هذه الروايات في صحفهم عنصراً من عناصر جذب القراء إليها…
الترجمة وأثرها علی رواية التّسلية والتّرفيه:
ظلت حركة الترجمة حتى بعد وفاة محمّد علي راكدة حتی جاء عصر إسماعيل فبدأت حركة الترجمة تتسع، فشملت كل المعارف ولكن كان النصيب الأكبر فيها للروايات ومما هو جدير بالذكر هو أنّ المؤلفات التي ترجمت في كل علم وفن كانت قليلة إلاّ
القصة والرواية، ص 73 - عزيزة مريدن –
تطور الأدب الحديث في مصر من أوائل القرن التاسع عشر إلی قيام الحرب الکبري الثانية: ص73 – ص 113 - 121 - 122 و 123 – 124 -
تطور الرواية العربية الحديثة ص 193 و 194- عبد المحسن، طه بدر -
فيما كان يختص بالروايات التي أخذ عددها يتزايد نظراً لإقبال الجمهور عليها وشغفه بها. و« أغلب ما عرّب من الروايات كان من نتاج العصر الرومانسي في الأدب الأروبي، وقد ساد التيار الرومانسي في الأدب الغربي في النصف الأول من القرن التاسع عشر وحينما عرّب المترجمون الفنون الروائية لم يهتموا بالإنتاج الأكثر جودة وإنمّا اهتموا بكتب أكثر شعبية وشهرة … واهتموا بإعمال صغار الكتاب الذين خضعوا لما في الرومانسية من حرّية وعاطفة وجموح وخيال …» (8) تقسّم الدكتورة لطيفة الزيات في رسالتها، «حركة الترجمة الأدبية للروايات المترجمة من حيث الموضوع إلی قصص شرقية وقصص تاريخية وقصص غرامية وقصص اجتماعية وقصص مغامرة وقصص بوليسية وبالنسبة إلی القصص التاريخية نری بأنّ هذه القصص تمثل رغبتها في التحريف علی التاريخ ولا ينبع عن إحساس قوي متبلور، وبالنسبة إلی القصص الاجتماعية كان أغلب القصص لا يكشف عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية بل يقصد به التّسلية وأنّ الخصائص الفنية لهذا النوع من الرواية يعتمد علی فضول القارئ ويقدم سلسلة من الحوادث العجيبة والأبطال فيه إما أخيار بصورة مطلقة أو أشرار بصورة مطلقة. (9)
عناصر الرواية:
الرواية هي أكبر أنواع القصص من حيث طولها ولكن الطول ليس وحده هو ما يميز الرواية عن القصة أو الأقصوصة، ‌فالرواية تمثل عنصراً وبيئةً، أي أنّ لها بعداً زمنيا من المألوف أن يكون زمانها طويلاً ممتداً، بل ربمّا اتّسع البعد الزمني، فاستغرق عمر البطل أو أعمار أجيال متتابعة فن القصة تقوم بمعالجة المشاکل المحددة فی الحياة أو جانب من شخصية أو الشخصيات التي تصور الحياة الإنسانية ولهده الرواية مقومات نذكر منها:
الحدث:
«يرتبط الحدث بالشخصية فی الأعمال القصصية ارتباط العلة بالمعلول وعلی هذا فإنّ الرواية = فعل(حدث) + فاعل(شخصية)، فالحدث إذن شیء هلامي إلی أن تشکله الشخصية بحسب حرکتها نحو مسار محدد يهدف إليه الکاتب ومعنی ذلک أنّ الحدث هو "الفعل القصصي" أو هو الحادثة ”event" التي تشکلها حرکة الشخصيات، لتقدم فی النهاية تجربة إنسانية ذات دلالات معينة.» (10)
الشخصية:
«الشخصية هي الکائن الإنساني الذي يتحرک فی سياق الأحداث وقد تکون الشخصية من الحيوان، فيستخدم عندئذٍ کرمز يشف عمّا وراءه من شخصيّة إنسانيّة تهدف من وراءها العبرة والموعظة، کما في، "کليلة ودمنة"، والقصص التعليميّة الأُخری. وقد تکون الشخصية فی القصة رئيسية، وقد تکون ثانوية.» (11)
الشخصيه النامية:
تنمو بنمو الأحداث وتقدم علی مراحل أثناء تطور الرواية وهي في حالة صراع مستمر مع الآخرين، أو في حالة صراع نفسي مع الذات. الشخصية المسطحة : لا تکاد طبيعتها تتغير بداية القصة حتّی النهاية، وانمّا تثبت علی صفحة واحدة تکاد لاتفارقها.
لغة الحوار والسرد:
«الحديث عن السرد والحوار- في حقيقته- حديث عن الوعاء اللغوي، الذي يحتوي کل عناصر القصة، باعتبارها نوعاً من فنون القول، غير أن کتابة القصة "باللغة" أصعب من کتابة القصيدة والمسرحية اللتين تستخدمان أيضاً نسقاً أسلوبياً واحداً…» (12)
السرد:
«السرد قول أو خطاب صادر من السارد، يستحضر عالماً خيالياً مکوناً من أشخاص يتحرکون في إطار زماني ومکاني محدد ومادام السرد قولاً فهو لغة ومن ثم فانّه يخضع لما تخضع له اللغة من قوانين وأهداف والهدف الذي تسعی إليه اللغة هو، "التواصل أو التوصيل".» (10)
الحوار:
الحوار جزء من البنية العضوية للرواية له ضرورته وأهميته فهو يدل علی الشخصية ويحرک الحدث ويساعد علی حيوية المواقف ولابّد أن يکون دقيقاً بحيث يکون عاملاً من عوامل الکشف عن أبعاد الشخصية أو التطور بالموقف إلی تجلية النفس الغامضة أو الوصول بالفکرة المراد التعبير عنها والحوار الجيد يکشف عن معاناة شاقة مع الموقف والکلمة ودلالات اللفظ.
الزمن:
يمثل الزمن عنصراً من العناصر الأساسية التي يقوم عليها فن القص، فإذا کان الأدب يعتبر فناً زمنياً- إذا صنفنا الفنون إلی زمانية ومکانية- فإن القص هو أکثر الأنواع الأدبية التصاقاً بالزمن. المکان «المکان – في الحقيقة- هو البيئة التي يعيش فيها الناس ولا شک أنّ الإنسان «ابن البيئة» وهي التي تعطيه الملامح الجسدية والنفسية فنحن جميعاً بشر… لکن المکان الذي تولد فيه هو الذي يحدد سمائنا الخاصة المتميزه، لذلک يجب أن يهتم الکاتب القصصي بتحديد "المکان" اهتماماً کبيراً… فقصة الحب مثلاً تختلف اختلافاً واضحاً إذا وقعت فی قرية أومدنية أو بادية، کذلک ينبغي أن يعني الکاتب بتصوير مفردات المکان الذي تتحرک فيه الشخصيات…»(10)
أحد المواقع الالكترونية – ديوان العرب – تطور الأدب الحديث في مصر من أوائل القرن التاسع عشر إلی قيام الحرب الکبري الثانية : ص 131حتی ص 137 دراسة فی نقد الرواية: ص 28 - طه وادي – القصة والرواية: ص27 - عزيزة مريدن – السرد في الرواية المعاصرة: ص 145 - الكردي عبد الرحيم – نموذج الرواية عند نجيب محفوظ :
« إنّ نجيب محفوظ بدأ حياته الأدبية بکتابة المقال و کانت عنايته الأساسية بالمقالات الفلسفية .و من خلال اهتمامه بکتابة المقال« اقدم علی کتابة القصة القصيرة في فترات هامة من التاريخ المصری الحديث . فمجموعته الأولی «همس الجنون» کتبت في فترة أليمة شهدت نجاح مؤامرة البورجوازية المصرية الکبيرة بالتصالح مع الإستعمار الإنجليزی و اخماد ثورة 1919 وانتهت بتوقيع معاهدة 1936 التی اکسبت وجود الاستعمار الإنجليزی شرعية .
کانت تنشر مجلة «الرواية» کتابات نجيب محفوظ و عندما تفاقمت أزمة الورق عام 1939 و توقفت المجلة ، انصرف نجيب محفوظ إلی کتابة الرواية . الرواية عنده أفضل الفنون شکلاً إذ يعتقد أنّ فيها توجد اللحظة أو الموقف الواحد اللذين تمتاز بهما الأقصوصة و أيضاً في الرواية يوجد جميع المواصفات التی توجد في المسرحية و الشعر و السينما کالحوار و المواقف الدراماتيکية. و هو يقول حول الصلة بين الرواية و الفنون الأخرى کالشعر و المسرح و السينما:«الرواية شکل فنی من اشکال الفنون، انما هي شکل له صفات المسرح و السينما بحيث إنها تستطيع أن تجمع کافة الفنون في شکلها الخاص .فالرواية کفيلم تجد فيها الفکرة و العلاج و الحوار و الإخراج و التمثيل و الملابس و الديکور و الموسيقی و المونتاج» فبذالک أصبحت الرواية عنده مرکز الاهتمام و انصرف إلی کتابة الروايات فقام بها في الموضوعات المختلفة ، الروايات التی تعتبر صدی لواقع المجتمع المصری. و لقد مرت الرواية عند نجيب محفوظ بمراحل هی: التاريخية ، الاجتماعية ثم الفلسفية. »(13)
« يحتل "نجيب محفوظ" مکاناً فريداً فی تاريخ الرواية العربية، وقد لعب فی تطورها دوراً لا أخاله أتيح لکثيرين غيره من کتاب الرواية فی العالم… يقف نجيب محفوظ علی رأس الجيل الثاني من کتاب الرواية فی مصر والجيل الثاني فبدأ ظهوره فی الأربعينات وهم "نجيب محفوظ"، و"إسحار"، و"عادل کامل"، و"يحيی حقّي" و"عبد الحليم عبد الله"، و"يوسف السباعي".» (14) حاول نجيب محفوظ في أثناء فترة الصراع الأيديولوجي من أجل تحديد الأصل الحضاري لمصر أن يفعل ما فعله "وولترسکوت"، بالنسبة لتاريخ إنجلترا ومن هنا مضی يعد خطة لکتابة تاريخ مصر فی أربعين رواية ثم انتقل من المرحلة التاريخيّة إلی المرحلة الواقعيّة وهي تشتمل الروايات الواقعيّة التحليليّة والروايات الواقعيّة النقديّة تشمل الروايات، "القاهرة الجديدة 1945م"، "خان الخليلي 1946م"، "زقاق المدق 1947 م"، و"السراب 1948م"، و"بداية ونهاية"1941م .» (15)
الخلاصة
انّ الروايات الحديثة التی نقوم بقراءتها اليوم قطعت أشواطا من التطور من حيث الکتابة و المضمون إذ أنها في الفترات السابقة کان يلاحظ فيها استلهام کتّابها من الغربيين خاصة في مضامينها حيث أنهم کانوا يقيمون کثيرا بالتقليد فی هذا المجال أما من خلال هذا التطور فظهر کتّاب کبار في البلاد العربية نموذج منهم و هو نجيب محفوظ فی مصر الذی کان يکتب عن البلاد العربية و خاصة عن مصر و حقائقها و إنّ المضامين التی کان يستخدمها کانت منبعثة عن بلاده و واقعه وفضلا عن هدا التطور التدريجي للرواية فقد وصلت إلی حدٍ أصبحت فيه قابلة للقراءة علی المستوی العالمی.
المصادر للو المراجع :
-موقع ديوان العرب – بقلم – محبوبة بادرستاني - باحثة وكاتبة إيرانية، خريجة جامعة آزاد الإسلامية في كرج .
- الاعمال الکاملة فی الرواية العربية، صص: 39 ،40 - فاطمة موسى –
- موقع جوجل "http://www.google.co.ma"www.google.co.ma
- تطور الرواية العربية الحديثة - عبد المحسن طه بدر - الطبعة الثالثة – دارالمعارف - 1976م.
- تطور الأدب الحديث في مصر من أوائل القرن التاسع إلى قيام الحرب الكبرى الثانية - الطبعة الثانية - أحمد هيكل - دار المعارف القاهرة 1994م.
- تاريخ الآداب اللغة العربية - جرحي زيدان - دار مكتبة الحياة - بيروت لبنان 1978م.
- القصة والرواية - عزيزة مريدن - دار الفكر بيروت - 1980م.
- دراسة في نقد الرواية - طه الوادي - الطبعة الثالثة دار المعارف القاهرة 1994م.
- السرد في الرواية المعاصرة الكردي - عبد الرحيم - مكتبة الآداب القاهرة 2006م.
- الأعمال الكاملة في الرواية العربية – فاطمة موسى - الجزء الأول - الطبعة الثالثة - الهيئة المصرية العامة للكتاب 1997م.
- محرك البحث جوجل ( www.google.co.ma )

0 comments :

إرسال تعليق